حفصة سرور..من شابه «أمه» في الإبداع الأدبي فما ظلم
استحوذت الكتابة الأدبية بسحرها وخيالها، على اهتمام شيماء المرزوقي وابنتها حفصة سرور، الحاصلة على ميدالية الأوائل لـ«أصغر مؤلفة إماراتية،»وجذبهما عالم القصص والروايات ومخاطبة عقول الكبار والصغار، تلك الحكايات المختلفة التي تمزج الواقع بالخيال، ولم تعلم المرزوقي أن هذا العشق للأدب والرواية ستشبهها فيه ابنتها الصغيرة، وكأن الإبداع الأدبي ميراث، لا يظلم من يحمله عن الأم، والأبوين، والأسرة عموماً التي تلعب دوراً كبيراً في تحديد ميول أبنائها.
وتؤكد تجربتا المرزوقي وسرور الإبداعية على قدرة الأبوين في اكتشاف منابع الإبداع والتميز في أبنائهم، وكيفية تحويل شغفهم لطاقات إبداعية تفرز مبتكرين ومفكرين وأدباء وعلماء.
بداية أدبية
وعن بدايتها في عالم الكتابة الأدبية قالت الأم والقاصة والروائية شيماء المرزوقي لـ«الرؤية»: بدأت الكتابة منذ وقت مبكر من عمري، ووجدت التشجيع والدعم من الأسرة ومعلماتي، وفي المرحلة الجامعية أخذت رغبة الكتابة والتأليف تكون أكثر جدية، فطوّرت من نفسي من خلال الورش المتخصصة والقراءة المتعمقة واليومية.
وأوضحت أنها «عشقت الكتابة الأديبة بكافة أشكالها الفنية من قصص ورواية، وكان مجال أدب الأطفال من أهم محطاتها الأدبية، خاصة أن دراستها الجامعية في تخصص طفولة مبكرة، ومرحلة رياض الأطفال، والمرحلة الابتدائية أصقلت من خبراتها في هذا المجال، وهذا جعلها ملمة بالكثير من احتياجات الطفل، وأيضاً فهم نفسيته، فساحة أدب الأطفال بحاجة للمزيد من الكتابة لهم».
إنتاجات أدبية
قدمت المرزوقي مجموعة من الأعمال الأدبية تنوعت في إنتاجها، لتضم 37 قصة موجهة للأطفال ومنها «لاتخف أبداً من الظلام»، «بابا زايد وشعب الإمارات»، و«موزة وجهاز الذكي»، و«ميثاء في متحف الاتحاد»، و«المنطاد العجيب» و«رحلة ورقة»، إضافة لمجموعة من الروايات منها «إنسال» و«سافر بعقلك» و«معركة الثغرة الأخيرة» و«زعفران» بجانب مجموعة من الكتب التي تحمل آراء في عدة قضايا مجتمعية وثقافية ومعرفية، منها «منذ متى تطير الخفافيش تحت الشمس»، و«عظماء انتصروا بالخير»، و«محطات مع الأفكار»، و«لا يعلمون أنهم عظماء».
مشاركات وجوائز
وذكرت المرزوقي أنها «خلال مسيرتها الأدبية شاركت في العديد من الأمسيات والأنشطة الثقافية، ونالت العديد من التكريمات المحلية ومنها المركز الأول عن فئة الرواية لجائزة راشد بن حمد الشرقي للإبداع لعام 2020، والمركز الأول في مسابقة براري دبي 2019 في مجال القصة القصيرة، والفوز بجائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم عن فئة الرواية عام 2017، والقصة القصيرة 2016، كما نالت تكريماً من الشيخ هزاع بن حمدان بن زايد آل نهيان لمشاركتها بقصص لها ترجمت على طريقة برايل، ضمن مشروع القصة المقروءة لمؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات لعام 2017».
من الأم للابنة
ولم تتوقع المرزوقي أن عشقها للكتابة الأدبية الذي يجري في دمها سينتقل إلى ابنتها حفصة سرور، وسيحمل لها القدر مفاجئة أن تكون أماً لأصغر مؤلفة إماراتية والتي حصلت على ميدالية الأوائل عام 2016.
وعن بداية ابنتها حفصة في عالم الكتابة، قالت المرزوقي إنه «بصفة عامة الأطفال منذ سنواتهم الأولى يجربون كل شيء، ويمتلكون الفضول لمعرفة كل ما تقع عليه أعينهم، ويريدون اللعب به، وغالباً يكون اللعب هنا هو طريقة الطفل للتعبير عن فضوله ومحاولاته الأولى للاكتشاف والتعرف على العالم الذي يعيش فيه، فإذا وجد والديه يقرآون سيقلدهما، وإن عاش في جو مفعم بالمحبة والسعادة انعكست على روحه ونفسيته».
وأشارت إلى أن هذا ما حدث مع حفصه ابنتها حيث تأثرت بوالدتها وهي تشاهدها وأبياها يقرآن ويتناقشان في كثير من الأفكار التي يطلعان عليها، فكان فضولها يشدها نحو الكتب، لذا كانت تمسك الكتاب وتحمله في أرجاء المنزل قبل تعلم الحروف الأبجدية.
إبداعات بأنامل البراءة
وأوضحت المرزوقي أنها تدرك أنه في السن المبكرة للأبناء يسهل التأثير عليهم وتوجيههم، لذلك جذبت صغيرتها للكتاب من خلال سرد الحكايات المشوقة، وإتاحة الفرصة أمامها للنقاش، والتعبير عن رأيها بكل عفوية ودون أن تضع قيوداً أو حدوداً عليها، ما جعلها تنطلق في أفكارها.
وذكرت أنها «في يوم فوجئت بأنها كلما أرادت أن تبدأ مع صغيرتها قراءة قصة جديدة، تكرر حفصة أنها تمتلك قصة من تأليفها، وبدأت تسرد تفاصيلها، وهذه كانت ملامح البداية، وبدأت تدون قصصها في نهاية الرابعة من العمر، وفي ذلك الوقت والعمر المبكر، لم تكن توقفها لتصحح لها أو لتعلمها الحوار في القصة أو متطلبات الوصف والسرد ونحوها من الاشتراطات، فزادت ثقتها في نفسها وانطلقت، حتى نجحت في منتصف العاشرة من العمر في تقديم قصص عدة منها«أحب المدرسة»، و«المزرعة الجميلة»، و«أخي أحمد»، «أمينة تحب الخير»، وقصة أخرى باللغة الإنجليزية بعنوان "I like school" وحالياً تعمل على إصدار أعمال جديدة سترى النور قريباً.
نصيحة
وتنصح المرزوقي كل أم أن "تمنح طفلها الثقة، وتدربه على التعبير بعفوية وببساطة، والتحدث بكل شيء دون خوف أو تردد، خاصة أن الطفل في سنواته الأولى سريع التأثر، هو يتأثر بالكلمات العالية والصوت المرتفع، يتأثر حتى بالملامح الحزينة أو الباكية أو الضاحكة والسعيدة، إن وجد الطفل البيئة المناسبة ليعبر وينطلق ويتحدث، فإن موهبته وقدراته ستظهر مباشرة وستتم ملاحظتها، ومع قليل من التشجيع ومنحه الثقة سيحلق عالياً".
ذكرى لا تنسى
وعن إحساسها بتكريم ابنتها في موسوعة الأوائل، قالت المرزوقي «تقلد حفصة لميدالية أوائل الإمارات دافع كبير لها وغير متوقع لتبذل المزيد من الجهد في هذا المجال، ويظل تكريم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لها كأصغر كاتبة في حفل أوائل الإمارات في عام 2016، ذكرى مهمة لا تنسى، تدفها للتمييز والنجاح، كما كان في العام نفسه حظها جيداً عندما تفضل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بتشجيعها وحثها على الاستمرار في مضمار الكتابة وسعد جداً بمنجزاتها، خلال جولته في معرض الشارقة للكتاب».
وأكدت المرزوقي أن «سعادتها بابنتها لا توصف، ولكن الأهم هي الرسالة التي تيقنت من حتميتها، وهي قدرة الوالدين على إخراج أجيال متعلمة متحصنة بالثقافة والمعرفة، وعلى درجة عالية من المهارة والقدرات الذهنية المستعدة لخدمة الوطن».